هل تموت ثورة يناير يوم 30 يونيو ؟ وائل قنديل


بمنتهي الوضوح و الاعتزاز يقول الداعون الي حفل الجحيم في 30 يونيو انهم قرروا ان يحذفوا كلمة ' الفلول ' من معجم الثورة المصرية , وبلا مواربة يفتخرون بان ايديهم في ايدي الفلول من اجل اسقاط محمد مرسي وتطهير مصر من الاخوان و التيارات الاسلامية -- بل ان منهم من يقطع شوطا ابعد من ذلك ليشتق تعريفا مبتكرا لكلمة ' الفلول ' بانهم كل من لا يرضي بالتغيير عبر وسائل سياسية متحضرة , وكل من يري عكس ما يرون من ان محمد مرسي جاء بانتخابات تفوق فيها علي منافسيه لكي يحكم اربع سنوات.

و ' الفل ' في نظر ثوار هذا الزمان الكئيب هو كل من لا يصفق لاحراق دواوين المحافظات واغلاقها بالجنازير , ومطاردة الملتحين و المنتقبات في الشوارع , وكل من يرفض التمايل علي انغام ' راقصة الثورة ' التي تنتشر اناشيدها الوطنية العظيمة علي مواقع التواصل الاجتماعي , وتردد من خلالها كلمات شديدة الرقي عن ' الرئيس الخروف الاستبن '

ان كل السيناريوهات المتوقعة لليوم الاخير من هذا الشهر تقول ان الجميع ضربوا موعدا للالتقاء في الجحيم , وانهم اختاروا وهم بكامل وعيهم وارادتهم احراق جثة ثورة يناير والقائها في الطريق العام ليركلها كل عابر بقدميه.

وماداموا قد قرروا المضي علي طريق المحرقة فاننا امام احتمالين لا ثالث لهما : اما تنكسر هذه الموجة العاتية التي تحمل فوقها كل جحافل الثورة المضادة -- او يحدث العكس ويندلع الحريق الكبير الذي ياتي علي اخضر مصر ويابسها , دون تمييز بين مؤيد ومعارض.

في حالة الاحتمال الاول سنكون قد صنعنا بايدينا ديكتاتورية لن يلومها احد ان قررت ان تحكم البلاد بالحديد و النار مدفوعة باسباب تتعلق باقامة سدود تحول دون استمرار طوفان الفوضي و العبث -- وفي ذلك قتل لواحدة من القيم الكبري التي نشدها المصريون حين قاموا بثورة يناير وهي الديمقراطية.

وفي حالة الاحتمال الثاني تكون مصر قد افتتحت رسميا مرحلة الحرب الاهلية , جامعة بين سعير النموذج اللبناني وجنون النموذج الجزائري , وهنا مقتل ما تبقي من قيم يناير المتمثلة في العيش و الكرامة.

لقد قلت قبيل جحيم اصغر من ذلك تداعت اليه كل الاطراف قبيل 25 يناير 2013 انه ' لا احد يصادر حق احد في ازاحة نظام سياسي , وطرح نفسه بديلا له , غير ان ذلك ينبغي ان يبقي محكوما بقواعد اللعبة السياسية وقوانينها المعتبرة , و التي هي كما عرفها العالم تجري نزالاتها ومبارياتها عبر الانتخابات , وبعيدا عن النزوع الي اراقة الدماء واشعال الحرائق.

وهنا يبرز دور النخب السياسية وواجبها في تحويل مجري الغضب الي مسارات تؤدي الي الحفاظ علي الحياة , ولا تقود الي القبور و الخرائب , و المعني بالنخب هنا معسكر الاغلبية وفريق المعارضة معا , لان احدا لا ينبغي ان يدعي الآن ان الشارع هو الذي يقود وهو الذي يحدد المسارات '

واكرر انها لحظة المسئولية عن اخماد الشرر الذي يتجمع الآن , ويوشك باندلاع حريق , ان اطلت السنته ليس بمقدور احد ان يطفئه قبل سنوات من النزيف , و التجارب من حولنا فيها المثل و العبرة '

اللهم فاشهد.

ليست هناك تعليقات :