رسالة الرئاسة الغير العفوية الى اثيوبيا عماد الدين حسين
ظهر امس الاول الاربعاء ذهبت الي رئاسة الجمهورية لحضور لقاء رؤساء التحرير و الاعلاميين مع الدكتورة باكينام الشرقاوي و الدكتور ايمن علي مساعدي رئيس الجمهورية , و الدكتور علاء الحديدي الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء , وكان موظفو التليفزيون يجهزون انفسهم , فكان السؤال الاول لهم هو : ' مذاع علي الهوا ام مسجل؟ ' .
اللقاء حضره اكثر من 35 شخصا , قليل منهم صحفيون و الغالبية من رؤساء محطات الاذاعة وقنوات التليفزيون المصري من النايل كوميدي ودراما الي رئيس محطة القرآن الكريم.
اللقاء يفترض انه في اطار نشاط دوري بين مؤسسة الرئاسة و الاعلاميين بهدف الاطلاع علي آخر المستجدات اولا باول , لكن العدد الكبير لا يسمح باي نقاش معمق.
اللقاء كان مفيدا للغاية وحضره الناطقان الرسميان باسم الرئاسة الوزيران المفوضان عمر عامر وايهاب فهمي اضافة الي اسامة عرابي وخالد بركات المستشارين الاعلاميين بمؤسسة الرئاسة وتمحور فقط حول ازمة سد النهضة الاثيوبي.
سالت مساعدي رئيس الجمهورية : هل تعترفون بوجود ضرر جراء لقاء مرسي مع السياسيين و الكلام الغريب الذي قيل علي الهواء , وكيف ستصلحونه مع اثيوبيا؟.
المفاجاة ان المسئولين قالوا اننا لم نتضرر من الامر , فمن حق اي سياسي ان يعبر عن رايه , ويظل رئيس الجمهورية معبرا عن الموقف الرسمي.
خلاصة الامر انني فهمت بطريقة او باخري ان ما حدث يوم الاثنين كان مقصودا او مرتبا او عفويا , المهم ان تصل رسالة اساسية الي اثيوبيا عنوانها : ' ان كل مصر ضد اي مشروع يهدد حصتها من مياه النيل ' .
الدكتور ايمن علي و الدكتورة باكينام الشرقاوي رايهما ان السياسيين غير الرسميين من حقهم التعبير كما يشاءون عن انفسهم , وانهم يتحولون في الديمقراطيات الكبري الي ادوات مهمة من ادوات الضغط.
كلام مهم وجميل ولا خلاف عليه , لكن السؤال الطبيعي و المنطقي هو : كيف يتم ذلك؟!. هل يتم بالتنسيق مع من يتم استخدامهم , وبصورة عفوية , ام ' نترك الناس علي عماهم ' , ليقولوا ' السودان بقي مقرف , او نطلق شائعة ان عندنا طيارات تتزود بالوقود في الجو؟! ' .
نعم في كل الديمقراطيات يتم استخدام جميع ادوات الضغط وفي مقدمتها الاحزاب المعارضة و المجتمع المدني وللاسف اسرائيل ماهرة في هذا الامر ولكن اذا كانت مؤسسة الرئاسة تقصد ذلك او فعلته بحسن نية لارسال رسالة الي اثيوبيا فقد تكون الرسالة وصلت فعلا لكن ربما تكون تكلفتها باهظة.
السؤال هو : هل المطلوب ان نكسب اثيوبيا , ام نرهبها ونكسب كراهيتها , الموجودة بالفعل من قبل؟.
في مثل هذه الامور ينبغي ان تقاس الامور باقصي دقة ممكنة حتي لا تتحول النوايا الطيبة الي الباب الذي يقود الي جهنم.
المؤكد ان كل المصريين مصطفون دفاعا عن حقهم في مياه النيل , لكن كيف يمكن توظيف هذا الاصطفاف بصورة صحيحة حتي يمكن اقناع اثيوبيا ان الثمن الذي ستدفعه جراء تهديد الامن المائي لمصر اكبر بكثير من الثمن الذي ستجنيه من بناء السد.
عندما تتحول قضية المياه في حوار الرئيس وكبار السياسيين ظهرا الي قضية ' الهواء ' ليلا في برامج التليفزيون , فالمؤكد ان هناك مشكلة كبيرة في الرسالة المطلوب ارسالها و الاهم في مرسل الرسالة نفسه.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق