وائل قنديل يكتب عن مصابي الثورة و المزايدة بهم فى بورصة الجحيم
من كان يصدق ان ضحايا نظام مبارك من مصابي ثورة يلوحون بورقة التصالح مع المخلوع من اجل المال بعد ثلاثين شهرا من الجريمة؟
اننا امام تراجيديا مقبضة في مسيرة ثورة يناير , تكشف بوضوح ان هناك من نجح في تلويث الجوهر الاخلاقي لثورة يناير , فصار ممكنا اغراء بعض المحسوبين علي قوائم المصابين فيها بالمضاربة و السمسرة في بورصة الغضب المتصاعد.
وحسب ما تناقلته الميديا عما جري في جلسة محاكمة مبارك امس , فان محسوبين علي مصابي الثورة اصدروا بيانا عجيبا تضمن قائمة طويلة من المطالب وانتهي بعبارة يهددون فيها بانه ' اذا لم يتم تنفيذ هذه المطالب من قبل النظام الحالي سوف نتصالح مع الرئيس السابق من اجل المال ' .
اذن -- فالفيروس المبكر الذي وضع داخل ' مصابي الثورة ' تظهر آثاره الآن بوضوح , حيث جرت عمليات مدروسة مبكرا جدا لتهجين قوائم المصابين باصناف لا تمتّ لهذه الثورة بصلة منذ ايام المجلس العسكري , وقد بحّت الاصوات في ذلك الوقت تطالب بتنقية قوائم مصابي الثورة مما الحق بها من عناصر جري استخدامها في مناسبات عديدة ضد الثورة.
وفي ذلك تحمل مضابط مجلس الشعب المنعدم بقرار من المحكمة الدستورية واقعة شهيرة بين احد النواب من جهة , وبين رئيس البرلمان في ذلك الوقت سعد الكتاتني , ووكيله اشرف ثابت , حين تحدث النائب عن تزوير في قوائم المصابين بمعرفة جهات امنية تم من خلاله اضافة اسماء لمن لا علاقة لهم بموضوع الثورة من الاصل , وهو الكلام الذي رفض وكيل المجلس الاقرار بامكانية حدوثه , فما كان من النائب الا ان عاد بكارنيه يحمل اسم اشرف ثابت وكيل مجلس الشعب باعتباره من مصابي الثورة.
والخطير ان اللعب بورقة مصابي الثورة لا يزال مستمرا حتي الآن في اطار التحضير للرحلة الي الجحيم المعلنة في نهاية يونيو الجاري , الامر الذي يضعنا امام جريمة حضارية تجعل بعضهم لا يمانع في احراق الثورة ذاتها مقابل التخلص من محمد مرسي , وقد راينا نموذجا مصغرا لهذا الانحطاط في وقت مبكر عندما تولت شخصيات مشهورة محسوبة علي الثورة ' مقاولة ' هدم موقعة الجمل وصناعة روايات مكذوبة بشانها تبرئ مبارك وعصابته منها -- وفي تطور لاحق صار خصوم الثورة في كابينة قيادتها بعد تفريغها من مضمونها المحترم.
وبالطريقة ذاتها التي جرت بها عمليات انتاج عبوات ثورية مزيفة وفاسدة في فترة تولي المجلس العسكري الحكم , للتشويش علي ائتلافات الثوار الحقيقية , تمت تعبئة روابط وائتلافات وهمية للمصابين تمارس نشاطها الآن.
ويبقي ان ثائرا حقيقيا لا يمكن ان يضحي بثورته لقاء مال , او كيدا لمن كانوا معه ثم تفرقت بهم السبل , كما ان مصابا حقيقيا في احداث الثورة لا يمكن ان يتاجر باصابته ويضارب بجراحه في بورصة الغضب , آو يؤجرها لمن يدفع اكثر.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق